للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)﴾:

المعنى: فإِذا شارف المطلقات آخر العدة، وأَصبحن على وشك الانتهاءِ منها فأَنتم معهن بالخيار فيما بقى من زمن العدة إِن شئتم فأَمسكوهن بحسن معاشرة واتفاق لائق وود خالص وإِن شئتم ففارقوهن بإِيفاءِ الحق، واتقاءِ الضرر مثل أَن يراجعها المراجعة ثم يطلقها تطويلًا للعدة (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) عند المراجعة أَو الفرقة قطعًا للتنازع، ومنعًا للشقاق. وهذا الأَمر للندب نظير وقوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ) ويروى عن الشافعي وغيره أَن قال بالوجوب عند الرجعة: (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) بأَن تجعلوها لوجهه خالصة لا للمشهود عليه ولا لغرض من الأَغراض سوى إِقامة الحق، ونصره العدل، ودفع الضرر.

(ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) الإِشارة على ما اختاره الكشاف للحث على إِقامة الشهادة لله تعالى والأَولى كما في الكشاف أَن تكون الإِشارة إِلى جميع ما ذكر من إيقاع الطلاق على وجه السنة، وإِحصاءِ العدة، والكف عن الإِخراج والخروج، وإِقامة الشهادة للرجعة أَو الفرقة، وفي ذلك ملازمة قوية لقوله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) فإِنه اعتراض مؤكد لِمَا سبق في الأَحكام التي تتمثل في أَمر إِجراءِ الطلاق على السنة ووجوب مراعاة حدود الله باتقائه في تعديها، فلم يضار المعتدة، ولم يخرجها من مسكنها واحتاط فأَشهد على كل عمله، ومن التزم بذلك يجعل الله له مخرجًا ممَّا عسى أن يقع في شأَن الأزواج من الهموم والغموم ويفرج عنه ما يعتريه من الكروب في الدنيا والآخرة، ويرزقه من وجه لا يخطر بباله ولا يتوقع أَن تتفتح عنه أَبواب الخير وتتيسر به أَسباب الرزق، وعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله : (من أَكثر من الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب) (١) وروي أَيضا عن ابن عباس قال: إِن عوف بن مالك الأَشجعي أَسر المشركون ابنه سالمًا فأَتى رسول الله فقال: أُسر ابني وشكا إِليه الفاقة فقال : (اتق الله وأَكثر من قول لا حول ولا قوة إِلا بالله العظيم) ففعل، فبينما هو في بيته إِذ قرع ابنه


(١) رواه الحاكم ٤ - ٢٦٢.