قال كثيرٌ من العلماءِ منهم ابن عباس، وطائفة من السلف، وجماعات من الخلف: هذا الحكم في البائن - إِن كانت حاملًا أَنفق الزوج عليها مع السكنى حتى تضع حملها قالوا: بدليل أَن الرجعية تجب نفقتها حاملًا كانت أَو حائلًا.
وقال آخرون: بل السياق كله في الرجعيات، وإِنما نص على الإنفاق على الحامل، وإِن كانت رجعية؛ لأَن الحمل تطول مدته غالبا، فاحتيج إِلى النص على وجوب الإنفاق عليها إِلى الوضع؛ لئلا يتوهم أَنها لا نفقة لها نظرًا لذلك وليعلم حكم غيرها بالطريق الأَولى.
أَما أُولات الحمل المتوفى عنهن أَزواجهن فلا نفقة لهن عند أَكثر العلماءِ، ويرى علي - كرم الله وجهه - وابن مسعود وجوب نفقتهن في التركة من جميع المال حتى يضعن، وقال ابن عباس وابن الزبير وجابر بن عبد الله ومالك الشافعي وأَبو حنيفة لا ينفق عليها إِلاَّ من نصيبها.
(فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ) بعد انقطاع عصمة الزوجية بوضع حملهن (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) على ما قمن به من إِرضاع ثم خاطب - سبحانه - الآباء والأمهات، ودعاهم إِلى أَن يتشاوروا، فيأمر بعضهم بعضًا بمعروف أَي: بجميل في الأُجرة والإِرضاع، وذلك بحديث سمح بعيد عن المماكسة من الأَب والمعاشرة من الأُم فقال تعالى:(وَأئتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ)، وقيل: المعروف الكسوة والدثار (وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) أَي: وإِن ضيق أَحدكم على الآخر بالمشاحة والمبالغة في الزيادة أَو النقص في الأُجرة، فسترضعه مرضعة أُخرى غير الأُم، على معنى فليطلب الأَب هذه المرضعة، فإِن لم يقبل الولد ثديها، أُجبرت الأُم على الإِرضاع بأَجر المثل، وفيه معاتبة للأُم على المعاشرة كقولك لمن تستقضيه حاجة، فيتوانى سيقضيها غيرك، بمعنى ستقضي وأَنت ملوم.
وخصت الأُم بالمعاتبة على ما قال ابن المنير، لأَن المبذول من جهتها هو لبنها لولدها وهو غير متمول ولا مضمون به في العرف وخصوصًا من الأُم على الولد، ولا كذلك المبذول من