قال ابن عباس ﵄ أَراد بصالح المؤمنين أَبا بكر وعمر ﵄ وبه قال عكرمة ومقاتل وهو اللائق بتوسطه بين جبريل والملائكة ﵈ وقيل: أريد به من بريء من النفاق، وقيل الصحابة، (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) بمعنى أَن الملائكة على كثرة عددهم، وامتلاء السماءِ بهم فوج مظاهر بعد ذلك له قدره وشأَنه ما فيهم جبريل ﵇ وإِن كانت نصرتهم من نصرة الله فيما يبلغ تظاهر امرأَتين على من هؤُلاءِ ظهراؤُه وأَعظم جل جلالة شأن النصرة لرسوله ﷺ على هاتين الضعيفتين إِما للإِشارة إِلى عظم مكر النساءِ، أَو للمبالغة في قطع حبال طمعها لعظم مكانتها عند النبي وعند المؤمنين لأُمومتهما لهم، وكرامة له ﷺ ورعاية لأَبويهما في أَن تظاهر هما يجديهما نفعًا، فكأَنه قبل: فإِن تظاهرا عليه فلا يضره ذلك فإِن الله تعالى هو مولاه وناصره في أَمر دينه وسائر شئونه على كل من يتصدى لما يكرهه (وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ) مظاهِرُون له ومعينون إِياه كذلك.
أَي: إِن تحقق طلاقكن فحق وواجب أَن يبدل الله رسوله أَزواجًا خيرًا منكن، والخطاب لهن جميعًا على سبيل الالتفات، وأَصله لاثنتين، ولكنه ورد عاما: لأَنهن في منزل الوحي أَو على التغليب أَو لاجتماعهن في الغيرة عليه ﷺ لما أَخرجه البخاري عن أَنس قال: قال عمر: اجتمع نساء النبي ﷺ في الغيرة عليه فقلت: عسى ربه إِن طلقهن أَن يبدله خيرًا منهن فنزلت هذه الآية وفق قول عمر.
وكون المبدلات خيرًا منهن مع أَن أُمهات المؤمنين خير نساء على وجه الأَرض؛ لأَنه إِن طلقهن لإِيذانهن إِياه لم يبقين كذلك، وكان غيرهن من الموصوفات في الآية بالصفات الكاملة خَيْرًا منهن إِن تزوجهن الرسول، وهذا وعد من الله لرسوله لو طلقهن في الدنيا أَن يزوجه نساءً خيرًا منهن تخويفًا لهن كما في القرطبي.