الله لكفرهما بالرسولين وإِفشاءِ أَسرارهما، وقيل لهما عند موتهما أَو يوم القيامَة: ادخلا النار مع سائر الداخلين الذين لا صلة بينهم وبين الأَنبياء أَو مع داخليها من إِخوانكما من قوم نوح وقوم لوط.
المعنى: مثَّل الله حال المؤمنين في أَن وصلة الكفار لا تضرهم، ولا تنقص شيئًا من أجورهم وزلفاهم عند الله؛ بحال مرأَة فرعون، منزلتها العظيمة، ومكانتها الرفيعة عند الله ولم ينقضها أَنها كانت تحت أَعدى أَعداءِ الله وذلك (إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) أَي: قريبًا من رحمتك: لأَنه تعالى منزه عن المكان، وجوز أَن يكون المراد بعندك أعلى درجات المقربين؛ لأَن ما عند الله خير لإِرادة القرب من العرش، قالت ذلك وهي تعذب بالأَوتاد الأَربعة.
أَخرج أَبو يعلى والبيقهي بسند صحيح عن أَبي هريرة أَن فرعون أَوتد لإمرأَته أَربعة أَوتاد في يديها ورجليها. فكانت إِذا تفرقوا عنها أَظلتها الملائكة ﵈ فقالت (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ).
وفي رواية عبد بن حميد عن أَبي هريرة عنه أَنه قال: إِنه وتد لها أَربعة أَوتاد وأَضجعها على ظهرها وجعل على صدرها رحى، واستقبل بها عين الشمس فرفعت رأسها إِلى السماءِ فقالت:(رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ).
روى أَنها لَمَّا قالت ذلك رأَيت بيتها في الجنة درة، وانتزعت روحها، وهي آسية بنت مزاحم آمنت بموسى ﵇.
(وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ): أَي: من نفسه الخبيثة؛ لأَنه بجوهره عذاب ودمار يطلب الخلاص منه ثم طلبت ثانيًا النجاة من عمله تنبيهًا على أَنه الطامة الكبرى فهو الكفر،