يجوز أَن يراد بالكلمات وعده - تعالى - ووعيده أَو ذلك وأمره ﷿ ونهيه إِلى غير ذلك من أَقوال.
(وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ). من عدا المواظبين على الطاعة المؤثرين لها، والتذكير على التغليب حيث لم يقل من القانتات، والإِشعار بأَن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال حتى عدت من جملتهم وهذا أَبلغ من التأنيث، وجوز أَن يكون المعنى وكانت من نسل القانتين لأَنها من سلالة هارون أَخي موسى ﵉(وعليه تكون مِنْ لابتداءِ الغاية لا للتبعيض) ومدحها بذلك لما أَن الغالب أَن الفرع يتبع أَصله، وهي على ما في بعض الأَخبار سيدة النساء ومن أَكملهن.
روي أَحمد في مسنده سيدة نساءِ أَهل الجنة مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية ثم عائشة، وفي الصحيح كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساءِ إِلاَّ أَربع: آسية بنت مزاحم امرأَة فرعون، ومريم ابنه عمران، وخديجة بنت خلويلد، وفاطمة بنت محمد ﷺ وفضل عائشة على النساءِ كفضل الثريد على سائر الطعام، وهي حَرِيَّة بمزيد من الفضل.
وحسبك أَنها عقلت من النبي ﷺ ما لم يعقل غيرها من النساء، وروت عنه ما لم يرو مثلها أَحد من الرجال.
ثم لا يخفى أَن فاطمة ﵂ وهي بضعة من الرسول ﷺ لا يعدلها في الفضل أَحد.