ثم ذكرت السورة توجيهاتها للرسول: فدم يا محمد على طريقتك مِنْ مُخَالفة المكذبين، لقد تَمَنّوا لو تلين لهم بعض الشَّيء وتعبد ما يعبدون ولو زمنًا قليلًا فهم يَلِينُون لك لا حُبًّا في الإِسلام ولكن طمعًا في ضَمِّك إِلى صفِّهم.
ثم نهت عن طاعة كل مَن اتَّصف بهذه الصِّفات الذَّميمة، والنُّعوت القبيحة فقالت:(وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ*مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) ولأَنَّه صاحب مال وبنين كذب بآياتنا وأَعرض عنها فجعل الكفران مكان الشكر والعرفان، سنسمه بسمة ونجعل على أَنفه علامة ليكون مفتضحًا بها بين الناس.
واشتملت السورة على تشبيه ما وقع لأَهل مكة من العذاب والقحط بما وقع لأَصحاب الجنة الَّذين جاءَت قصتهم فيها، وعلى تبشير المؤمنين بما أُعِدَّ لهم عند ربّهم مِنْ جزاءٍ وثواب وعدم التَّسوية بينهم وبين الكافرين، وأَنكرت على المكذبين ما يدَّعون لأَنفسهم بغير حق ﴿أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (٤١)﴾ كما جاءَ فيها وصف حال الكافرين والمُعرضين وما ينالهم من العقاب، والنُّصح لرسول الله بالصبر والاحتمال ولا يكون كأَخيه يونس ﵇ في سرعة غضبه والغضب على قومه، وذكرت السورة ما كان الكفَّار يُضْمِرُونه لرسول الله من بُغْض وعداوة وقد ظهر هذا على وجوههم وهم ينظرون إِليه شزرا حين يتلو القرآن، ويرمونه بالجنون.
وختمت بتمجيد القرآن وبيان فضل الرسول وقدره (وَمَا هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ).