أي وأشهدوا على تجارتكم الحاضرة إذا تبايعتم، أو أشهدوا على كل بيع تجارة حاضرة أو غيرها، لأنه أحوط.
ورأى بعض الفقهاء: وجوب الإشهاد على البيع، ولو كان المبيع حزمة بقل.
وممن ذهب إلى ذلك الطبري، إذ قال: لا يحل لمسلم إذا باع واشترى، إلا أن يشهد، وإلا كان مخالفًا لكتاب الله ﷿.
وذهب الشعبي والحسن: إلى أن ذلك مندوب. وهذا قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وذكر القرطبي أن النبي - صالى الله عليه وسلم - باع واشترى، ورهن ولم يشهد.
ولو كان الإشهاد واجبًا لوجب مع الرهن لخوف المنازعة. ونحن نقول: إن الناس تغيرت أخلاقهم، فالإشهاد - في هذا الزمان - واجب، لمنع الخلاف والنزاع.
(وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ):
نهي عن المضارة، والفعل يحتمل البناء للفاعل. والدليل عليه قراءة عمر ﵁(وَلَا يُضَارِرْ) بفك الإدغام، وكسر الراء الأولى، ويحتمل البناء للمفعول، والدليل عليه قراءة ابن عباس:(وَلَا يُضَارَرْ) بفتح الراء الأولى.
والمعنى على الأول: نهي الكاتب والشاهد عن ترك الإجابة إلى ما يطلب منهما، وعن التحريف والزيادة والنقصان. فإن ذلك كله مضارة للمتداينين.
والمعنى على الثاني: نهي المتعاملين من الضرار بالكاتب والشهيد: بأن يعطلاهما عن مهم لهما، أو لا يعطيا الكاتب أجره على الكتابة، أو يحمل الشاهد مؤونة المجيء من بلده.
ويؤيد هذا المعنى، ما أخرجه ابن جرير، عن الربيع، قال: لما نزلت هذه الآية: (وَلَا يَابَ كَاتِبٌ … ) الخ كان أحدهم يجيء إلى الكاتب فيقول: اكتب لي، فيقول: إني مشغول أو لي حاجة، فانطلق إلى غيري، فيلزمه ويقول: إنك قد أُمِرْتَ أن تكتب لي، فلا يدعه ويضاره بذلك وهو يجد غيره. فأنزل الله تعالى:(وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ).