(كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ): أَي: مثل ما بلونا أَصحاب الجنة المعروف خبرها عندهم، قيل: كانت بأَرض اليمين قريبا من صنعاء لرجل كان يؤدي حق الله منها فمات فصارت إِلى ولده فمنعوا النَّاس خيرها وبخِلوا بحق الله منها، فكان ما ذكره الله تعالى.
(إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) أَي: إِذ حلفوا ليقطعن ثمارها بعد نضجها واستوائها وقت الصباح قبل أَن يخرج المساكين كي لا يشعر بهم المساكين، فلا يعطونهم منها ما كان أَبوهم يتصدق به عليهم منها.
١٨ - ﴿وَلَا يَسْتَثْنُونَ (١٨)﴾:
قيل: أَي ولا يقولون إِن شاءَ الله، وقيل: المعنى ولا يستثنون منها حصة المساكين كما كان يفعل أَبوهم (وعليه هو معطوف على قوله تعالى: "لَيَصْرِمُنَّهَا" ومقسم عليه مثله).
المعنى: نزل على الجنة وأَحاط بها من كل جانب بلاءٌ محيط وعذاب.
وعن الفرّاءِ: تخصيص الطائف بالأَمر الذي يأتي بالليل وكان ذلك - على ما قال ابن جريج - عُنُقا من نار خرج من وادي جنتهم (وَهُمْ نَائِمُونَ) في موضع الحال، والمراد: أَتاها ليلا كما روي عن قتادة، وقيل: المراد أَنهم غافلون غفلة تامة عما جرت به المقادير.
٢٠ - ﴿فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠)﴾:
أَي فأَصبحت جنتهم كالبستان الذي صُرِمت ثماره وقطعت بحيث لم يبق فيها شيءٌ وقال منذر والفرّاء وجماعة: الصّريم: الليل، والمراد: أَصبحت محترقة تشبه الليل في السواد؛ ذكر ابن كثير عن ابن مسعود: قال رسول الله ﷺ: (إِياكُمْ والمعاصي، وإِن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا قد كان هُيِّيءَ له) ثم تلا رسول الله ﷺ: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ).