وتشديد التاءِ مضمونة وفتح الشين واللام والخاء - بن أَخنوخ، وفيه عن ابن عباس: كان بين آدم ونوح ﵍ عشرة قرون. بعثه الله لأَربعين سنة، ومكث يدعو قومه أَلف سنة إِلاَّ خمسين عامًا، ومع ذلك لم يؤْمنْ به إِلا قليل، وهو من أُولي العزم، وكان في زمن شاع فيه الكفر وذاع، وقد اشتهر قومه بعباده الأَوثان، وأَكثروا من البغي والظلم والعصيان، وعاش بعد الطوفان ستين عامًا حتى كثر الناس وانتشروا، وفي التهذيب للنووي - رحمة الله تعالى - أَنه أَطوال الأَنبياء عمرًا، وقيل: إِنه أَطول الناس جميعًا عمرًا مطلقًا، وهو - على ما قيل - أَول من شرعت له الشرائع، وسنت له السنن، وأَول رسول أَنذر على الشرك، وأَهلكت أُمته، ويقول ابن كثير: الحق أَن آدم ﵇ كان رسولًا أرسل إِلى زوجته ثم إِلى بنيه، وكان في شريعته الإِنذار على الشرك، ويقال لنوح: شيخ المرسلين، لأَنه أَطولهم عمرًا، وآدم الثاني.
أَرسله الله إِلى قومه وهم - كما قيل -: سكان جزيرة العرب ومن قرب منهم، لا أَهل الأَرض كافة؛ لاختصاص نبينا ﵊ بعموم البعثة من بين الرسل جميعًا، والذي كان لنوح ﵇ بعد قصة الغرق حدث بمحض الاتفاق لعدم وجود أَحد على الأَرض سوى قومه الناجين مع في السفينة، وفي إِسناد الفعل في قوله سبحانه:(إِنا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلى قَوْمِهِ) إِلى ضمير العظمة مع تأكيد الجملة، ما لا يخفى من الاهتمام والاعتناء بإِرساله ﵇(أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ) أَي: بأَن أنذرهم وخوفهم عاقبة كفرهم من الإِنذار، وهو إِخبار فيه تخويف وترويع، وتكون (أَن) مصدرية فإِن كانت مفسرة كان المعنى: إِنا أَرسلنا نوحًا إِلى قومِهِ، أَي: قلنا له أَمرًا، أَي: أَنذر قومك لما في الإِرسال من معنى القول دون حروفه، فلا محل للجملة من الإِعراب (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) موجع شديد عاجل وهو ما حل بهم بالطوفان كما قال الكلبي أَو آجل وهو عذاب النار كما قال ابن عباس أَو المراد خوف قومك، وحذرهم مما ينزل بهم إِن لم يؤْمنوا حتى لا يكون لهم عذر أَصلا يعتذرون به يوم يؤخذون أَخذ عزيز مقتدر.