للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٨ - ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (٨)

أَي: وأَننا طلبنا بلوغ السماءِ واستماع كلام أَهلها فأَصبناها وصادفناها ملئت بالحفظة من الملائكة الشداد الذين يحرسونها وبالشهب والنجوم المحرقة التي كانت تنقض على الجن عند استراق السمع، قال بعضهم: إِن رمي الجن بالشهب كان بعد مبعث الرسول وهو إِحدي آياته، والصحيح أَن ذلك كان قبل مبعث الرسول فلما بعث زاد ذلك إِنذارًا بحاله وتنبيهًا إِلى إِرساله، أَي: زيد في حرس السماءِ حتى امتلأَت من الملائكة والنجوم كما يشعر بذلك قوله تعالى: (مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا):

قال ابن عباس: بينما النبي جالس في نفر من أَصحابه إِذْ رُمِيَ بنجم فاستنار، فقال: "ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية"؟ قالوا: كنا نقول: يموت عظيم، أَو يولد عظيم، فقال النبي : "إِنها لا ترمي لموت أَحد ولا لحياته

، ولكن ربنا إِذا قضى أَمرًا في السماءِ سبَّح حملة العرش ثم سبَّح أَهل كل سماءٍ حتى ينتهي التسبيح إِلى هذه السماءِ، ويستخبر أَهل السماء حملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم، ويخبر أَهل كل سماءٍ حتى ينتهي الخير إِلى هذه فيتخطف الجن فيرمون؛ فما جاءُوا به فهو حق ولكنهم يزيدون فيه، وقال ابن قتيبة: كان (الرمي) ولكن اشتدت الحراسة بعد المبعث، وكانوا من قبل يسترقون ويرمون في بعض الأَحوال فلما بعث محمد منعت (الجن) من ذلك أَصلًا.

٩ - ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (٩)﴾:

أي: وأَنا كنا قبل ذلك نتخذ من السماءِ مواضع للسمع نجدها خالية من الحرس والشهب، أَو صالحة للترصد والاستماع، فالآن ملئت المقاعد والمواضع كلها بالملائكة والشهب فمن يحاول أَن يقترب للاستماع يجد له شهابًا قد أُرصد له ليرجم به وقال مقاتل: رميًا بالشهب ورصدًا من الملائكة.