سبب نزولها: أَن كفار قريش قالوا لرسول الله ﷺ: إِنك جئت بأَمر عظيم، وقد عاديت الناس كلهم، فارجع عن هذا فنحن بخيرك؛ فنزلت. فأَمر الله رسوله أَن يجيبهم على قولهم هذا: بأَن ما ترونه من عبادتي لله ورفضي الإِشراك به ليس مما يتعجب منه، وإِنما يتعجب ممن يدعو غير الله ويجعل له شريكًا، أَو أَن يقول لمن تظاهروا وتمالئوا عليه ليبطلوا الحق الذي جاءَ به:(إِنَّمَا أَدْعُو) يريد ما جئتكم بأَمر مستنكر ولا مستهجن إِنما أَعبد ربي وحده (وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا) وليس ذلك مما يوجب اجتماعكم على مقتي وعداوتي.
أَي: قل يا محمد في محاجة هؤُلاءِ وجدالهم: إِني لا أَقدر أَن أضركم ولا أن أَدفع عنكم ضرًّا، ولا أَستطيع أَن أَجلب لكم نفعًا، إِنما الضار والنافع والمرشد والمُغوي هو الله ﷿ وأَن أَحدًا من الخلق لا قدرة له على ذلك.
أَي: قل لهم يا محمد: إِنَّني لن يستطيع أَحدٌ أَن يأخذني في جواره ويعيذني ويمنعني من الله إِن أَراد بي أَمرًا وهذا لأَنَّهُمْ قالوا له: اترك ما تدعو إِليه ونحن بخيرك. وإِنني لن أَظفر بملجأ أَركن إِليه أَو معاذٍ أَحتمي وأَلوذ به من غير الله؛ إِذ ملجأَ ولا منجى منه إِلاَّ إِليه، وأَن المخْلصَ والنجاة لا تكون إِلا بأَن أَتبع ما أَمرني به ربي، فأُبلغكم ما أرسلت به إِليكم ولا أَكتم شيئًا كلفني به - سبحانه - وأَوجب عليَّ أَن أُسْمِعَه لكم من غير زيادة أَو نقصان أَمَّا عياذي بكم والتجائي إِليكم - كما تؤملون وترجون - أَو اعتمادي على نفسي في الفِرار من جزاءِ ربي وحسابه فإِنه لا جدوى منه ولا نفع فيه، وقيل المراد: قل لا أَملك لكم إِلاَّ أَن أُبلغكم رسالة ربي، أَما الكفر والإِيمان فلا أَملكهما. (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) أَي: ومن يتمرد على الله ويَأبَ الإِيمان به ربًّا