الإسلام جعل العمل عبادة بل جعله من أَعظم أَنواع العبادات وأَفضلها لأَنه قرن العمل بالجهاد في سبيل الله.
وهكذا الإسلام سعى لإِقامة حياة سعيدة قوامها العمل الجاد النافع للناس، والجهاد لنشر دين الله، وحاول الفلاسفة والمصلحون من البشر إِقامتها فعجزوا وأَقامها محمد ﷺ وأَصحابه الذين نشروا دعوته وأَقاموا منهج السماء في الأَرض.
أَخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإِيمان وغيرهما أَن عمر بن الخطاب ﵁: قال: ما من حال يأتيني عليه الموت - بعد الجهاد في سبيل الله - أَحبّ إِليّ من أَن يأتيني وأَنا بين شعبتي جبل أَلتمس من فضل الله - ثم تلا هذه الآية:(وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ) .. إلخ.
وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: "ما من جالب يجلب طعامًا إِلى بلد من بلدان المسلمين فيبيعه لسعر وقته إِلاَّ كانت منزلته عند الله ثم قرأَ رسول الله ﷺ: (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).
قال ابن كثير: وهذه الآية - وهي قوله تعالى -: (وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) بل السورة كلها مكية، ولم يكن القتال شُرِع بعد، فهي من أَكبر دلائل النبوة؛ لأَنَّهَا من باب الإِخبار بالمغيبات المستقبلية.
وإِذا كان الأَمر كما ذكر وتعددت مقتضيات الترخيص (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) أَي: فاقرءوا ما تيسر من القرآن من غير تحمل مشقة، وقال ابن كثير: قوموا بما تيسر عليكم منه، وهو مذهب الحسن البصري كان يرى حقًّا على حملة القرآن أَن يقوموا ولو بشيءٍ قليل منه في الليل، ولو بقراءة خمس آيات، وقال القرطبي: أَي: فَصَلُّوا ما أَمكن فأَوجب الله من صلاة الليل ما تيسر، ثم نسخ ذلك بإِيجاب الصلوات الخمس على ما تقدم (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أَي: واظبوا على أَداءِ الصلاة المفروضة (وَآتُوا الزَّكَاةَ) أَي: وأَعطوا الزكاة الواجبة عليكم لمستحقيها، وقيل: المراد من الزكاة: زكاة الفطر، وقيل: صدقة