أَي: قال المجرمون من أَهل النار مجيبين للسائلين مبينين لهم أَسباب دخولهم النار يقولون: لم نك من المصلين كما كان يصلي المسلمون المخلصون.
(وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) أَي: ولم نك نعطي المسكين ما يجب إِعطاؤه، ولم نك نتصدق عليه ونطعمه، وهو من بني جنسنا وإِخوتنا في الإِنسانية -كما يفعل المسلمون- وهكذا لم يقوموا بالواجب عليهم نحو الله بعبادته بالصلاة، ولا بالواجب الاجتماعي نحو إِخواتهم بالزكاة كما يفعل المسلمون الصالحون، وهدموا بذلك ركنين من أَركان الإِسلام وهما الصلاة: حق الله، والزكاة: حق العباد.
٤٥ - (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ):
ومن أَخلاق المجرمين الذين استحقوا بها دخول النار ما حكاه الله عنهم في قوله تعالى:(وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) أَي: وكنا ننغمس في الباطل والزور ونندفع فيه، ونخالط أَهله دون اكتراث أَو مبالاة.
والمراد بالخوض هنا: الشروع في الباطل، وأُريد بالباطل ما لا خير فيه وما لا ينبغي من القول والفعل، وعُدّ من ذلك حكاية ما يجري بين الزوجين في الخلوة مثلا، وحكاية أَحوال الفَسَقَة على وجه الالتذاذ بها، ونقل الحروب التي جرت بين الصحابة لغير غرض شرعي، بل لمجرد أَن يتواصل بها إِلى طعن وتنقيص، والتكلم بالكلمة الفاحشة يُضحك بها الرجل جلساءَه، إِلى غير ذلك ممَّا لا يُحصْى، وكان ذكر قوله تعالى:(مَعَ الْخَائِضِينَ) إِشارة إِلى عدم اكتراثهم بالباطل وترك مبالاتهم به، فكأَنهم قالوا: كنا لا نبالي بباطل.