للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٥٤ - (كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ):

(كَلاَّ) ردع لهم عن إِعراضهم (إِنَّهُ) أَي: القرآن، أَو التذكرة السابقة في قوله تعالى: (فَمَا لَهُمْ عَنْ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) و (ذكر) لأَنه بمعنى القرآن أَو الذكر.

(تَذْكِرَةٌ): أَي: عظة وأَي عظة، وقيل: المعنى: حقًّا إِن القرآن لعظة بالغة نافعة كافية.

٥٥ - (فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ):

أَي: فمن شاءَ قرأَه فاتعظ به، وقيل: فمن شاءَ أَن يذكره ولا ينساه ويجعله نصب عينيه فعل ذلك واتعظ به؛ فإِنه نفع ذلك راجع إِليه.

٥٦ - (وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ):

(وَمَا يَذْكُرُونَ): أَي: وما يذكرون بمجرد مشيئتهم للذكر كما هو المفهوم من ظاهر قوله تعالى: (فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ) إِذ لا تأْثير لمشيئة العبد وإِرادته في أَفعاله: (إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) وهذا تصريح بأَن أَفعال العباد بمشيئة الله ﷿ ومثله: "وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ" (١).

(هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى) أَي: هو حقيق بأَن يتقى عذابه ويؤُمن به ويطاع.

(وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ): وحقيق بأَن يَغْفِر لمن آمن به وأَطاعه.

أَخرج أَحمد والترمذي -وحسنه- والحاكم -وصححه- والنسائي وابن ماجه وخلق آخرون:

عن أَنس: أَن رسول الله قرأَ هذه الآية (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) فقال: "قال ربكُم: أَنا أَهل أَنْ أُتَّقَي؛ فلا يُجْعَلُ معي إِله، فَمَنِ اتقاني فلم يَجْعَلْ معي إِلهًا آخَرَ فأَنا أَهلٌ أَن أَغِفَرَ لَه" والله أَعلم.


(١) الآية ٢٩ من سورة التكوير.