وسلم -: ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت، وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء: يَكْلؤُه ويحفظه ويرزقه؟ قالوا: بلى، قال: فهل عيسى يملك من ذلك شيئًا؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السما؟ قالوا: بلى، قال: فهل يعلم عيسى من ذلك شيئًا إلا ما عُلِّمَ؟ قالوا: لا، قال ألستم تعلمون أن ربنا صَوَّر عيسى في الرحم كيف شاءَ، وأن ربنا لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب، ولا يحدث الحدث؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة، ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غُذِّيَ كما يغذي الصبي، ثم كان يأكل الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟ قالوا: بلى، قال: فكيف يكون هذا كما زعمتم؟ فعرفوا، ثم أبوا إلا جحودًا .. فأنزل الله:
المعنى: ذهب بعض المفسرين: إلى أن (الم) وأمثالها، من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه.
وقال آخرون: إنها أسماء حروف هجائية: ترمز إلى تحدي العرب بأن القرآن مؤلف من كلمات ذات حروف كهذه، فأتوا بمثله إن صح زعمكم أن محمدا افتراه، فإذا عجزتم، فمحمد مثلكم لا يستطيع أن يأتي بمثله، فيجب الإيمان بأنه من عند الله تعالى [ارجع إلى ما قيل فيها في صدر سورة البقرة]:
(اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ):
(اللهُ): هو الإله، المنفرد بالأُلوهية، المستحق وحده للعبادة، فالأُولوهية مقصورة عليه، ثابتة له، منفية عن غيره، وبذلك نفى الشريك كما تزعم النصارى في عيسى، وكما تزعم اليهود في عُزَيْر، فإن اعتقاد البنوة شرك. كما نَفَى أن يكون هناك إله غيره، كما يزعم المشركون.
كما أن الآية تنفي أن يكون الكون بغير إله خالق، كما يقول الدهريون.