وقد ثبتت رؤية المؤمنين ربهم ﷿ في الدار الآخرة في الأَحاديث الصحاح من طرق متواتر عند أَئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها، وفي الصحيحين عن جرير قال: نظر رسول الله ﷺ إِلى القمر ليلة البدر فقال: (إِنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر) وأخرج مسلم والترمذي عن صهيب عن النبي ﷺ أَنه قال: (إِذا دخل أَهل الجنة يقول الله تعالى تريدون شيئًا أَزيدكم؟ فيقولون: أَلم تبيض وجوهنا؟ أَلم تدخلنا الجنة؟ وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الله تعالى الحجاب فما أَعطوا شيئًا أَحب إِليهم من النظر إِلى ربهم) -ذكره الآلوسي-.
وقيل: الكلام على تقدير مضاف أَي إِلى مُلك أَو رحمة أَو ثواب ربها ناظرة، والنظر يكون على معناه المعروف، أَو على تقدير مضاف والنظر يكون بمعنى الانتظار فقد جاءَ لغةً بهذا المعنى أَي إِلى نعم ربها منتظرة، وتعقب بأَن الحذف خلاف الظاهر ولا داعي إِليه، وبأَن النظر بمعنى الانتظار لا يتعدى بإلى بل بنفسه، وبأَن لا يسند إلى الوجه فلا يقال وجه زيد منتظر، والمتبادر من الإِسناد إِسناد النظر إلى الوجوه الحقيقية، وهو يعني إِرادة الوجه على الحقيقية.
٢٤ - (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ):
أَي: ووجوه يوم القيامة كالحة شديدة العبوس متغيرة الأَلوان مسودة وهي وجوه الكفار.
٢٥ - (تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ):
أَي: تتوقع أَن يفعل بها فعل هو في شدته وفظاعته فاقرة أَي داهية تقصم فقار الظهر كما توقعت الوجوه الناظرة إِلى ربها أَن يفعل بها كل خير.
والظن: قيل: أُريد به اليقين واختاره الطيبي، وقيل: على معناه الحقيقي والمراد أَن الوجوه تتوقع ذلك.
قال العلامة الآلوسي: وجيءَ بفعل الظن هنا دلالة على أَن ما هم فيه وإِن كان غاية الشر فإِنهم يتوقعون بعده أَشد منه وهكذا أَبدًا، وذلك أَن المراد بالفاقرة ما لا يُكْتَنَهُ ولا يتصور من العذاب، فكل ما يفعل بهم من أَشده ينبئُ بتوقع أَشد منه، وإِذا كان ظانًا كان أشد