(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ): جملة استئنافية تعليلية لِمَا قبلها في معنى لأَنا هديناه: أَي بَيَّنَّا له وعرفناه طريق الهدى والضلال والخير والشر ببعث الرسل والآيات الكونية والدلائل النفسية فآمن أَو كفر كقوله تعالى: "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ"(١)، وقال مجاهد: السبيل إِلى الشقاءِ والسعادة، وقيل: منافعه ومضاره التي يهتدى إِليها بطبعه وكمال عقله، وعن مجاهد وغيره أَنهم قالوا:(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ): أَي سبيل الخروج من الرحم (إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا): أَي أَيهما فعل فقد بَيَّنَّاهُ له، يقال: هديته السبيل وللسبيل وإِلى السبيل، والمشهور الأَول أَي هديناه إِلى ما يوصل إِلى البغية في حالتيه جميعًا من الشكر والكفر.
قال القرطبي: لم يأْت بصيغة المبالغة في الشكر فيقول: (إِمَّا شَكُورًا) كما أَتى بها في الكفر فقال: (وَإِمَّا كَفُورًا) نفيًا للمبالغة في الشكر وإِثباتًا لها في الكفر، فإِن شكر الله تعالى لا يؤدي على الوجه الأَكمل فانتقمت عنه المبالغة ولم ينتف عن الكفر المبالغة فقلة شكره لكثرة نعم الله عليه وعجزه عن القيام بشكرها، وكثرة كفره وإِن قل لعظم الإِحسان إِليه -حكاه الماوردي- أهـ قرطبي بتصرف.
ولَمَّا ذكر الفريقين (الشاكر والكفور) أَتبعهما الوعد والوعيد فقال: