(إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ) أَي: إِنما نطعمكم لطلب ثواب الله ورجاءِ جزائه ورضاه قائلين ذلك في أَنفسهم بلسان الحال لما يظهر عليهم من أَمارات الإِخلاص.
وعن مجاهد: أَما إنهم ما تكلموا به ولكن علمه الله تعالى منهم فأَثنى به عليهم أَيُرغب فيه راغب، أَو بلسان المقال دَفْعًا وإِزاحة لتوهم المن المبطل للصدقة وتوقع المكافأَة المنقصة للأَجر وعن عائشة ﵂ أَنها كانت تبعث بالصدقة إِلى أَهل البيت ثم تسأَل الرسول: ما قالوا فإِذا ذكر دعاء دعت لهم بمثله ليبقى لها ثواب الصدقة خالصًا عند الله ﷿.
(لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا): أَي لا نطلب منكم مجازاة تكافئوننا بها لا بالأَفعال كعوض وهديّة، ولا بالأَقوال كشكر وثناءٍ علينا عند الناس، وهذا تقرير وتأكيد لما قبله.
أَي: إِنا نخاف من ربنا يومًا اشتد عبوسُ وكلوحُ وَجْهِ مَن فيه وقطبوا وجوههم وجباههم من هول شدته وشدة قسوته وصعوبته وطوله، ووصف اليوم بالعبوس لعبوس أَهله، روى أَن الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران، قال الآلوسي: وهذه الجملة وهي قوله تعالى: (إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) جوز أَن تكون علة لإِحسانهم وفعلهم المذكور، كأَنه قيل: نفعل بكم ما نفعل لأَننا نخاف يومًا صفته كيت وكيت، فنحن نرجو بذلك أَن يقينا ربنا - جل وعلا - شر ذلك اليوم، وأَن تكون علة لعدم إِرادة الجزاءِ والشكور، أَي: إِنا لا نريد منكم المكافأَة لخوف عقاب الله تعالى على طلب المكافأَة على الصدقة.
(فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ): أَي: فحفظهم الله وصانهم من شدائد ذلك اليوم وآمنهم مما خافوا منه (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا) أَي: وأَعطاهم بدل عبوس الفجار وحزنهم نضرة