أي: أنت يا ربنا، جامع المهتدين والزائغين، لحسابهم وجزائهم في يوم لا ينبغي أي يُرتاب في وقوعه ووقوع ما فيه من الحشر والنشر والجزاء.
ومقصود الراسخين في العلم من هذا الدعاء، عرض افتقارهم إلى الرحمة، وأنها المقصد الأسنى عندهم، وتأكيد إظهار ما هم عليه من كمال الطمأنينة وقوة اليقين بأحوال الآخرة، لمزيد من الرغبة في استنزال الإجابة.
(إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ):
هو كلام الله ﷿ بعد أن تم كلام الراسخين عند قولهم (لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ) كأن القوم لما قالوا: (إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ) صدقهم الله في ذلك، وأَيَّد كلامهم بقوله:(إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ).
وقيل: هو من كلام الراسخين.
والمعنى على هذا: إنك لا تخلف وعدك للمسلمين والكافرين بالثواب والعقاب، أو وعدك بمجيء يوم لا ريب فيه. فهذه الجملة تعليل لمضمون الجملة السابقة المؤكدة لانتفاء الريب في مجيئه. وإظهار الاسم الجليل - الله - لإبراز كمال التعظيم والإجلال. وللإشعار بعلة الحكم، فإن الأُولوهية منافية للإخلاف في الوعد.
والتأكيد بإِنَّ، وإظهار لفظ الجلالة بدلا من الضمير: يفيد - إلى ما سبق - تأكيد نفي الريب، كما يفيد تأكيد قيام الساعة تأكيدًا حاسمًا.