هذا المقام كاف لمنعهم وردعهم عن اقتراف البخس والنقص في الكيل والوزن أَخذًا بالأَحوط، ودفعًا لما عساه أَن ينالهم من نكال وعقاب جزاءَ بخسهم ونقصهم، فما بالهم لو علموا وأَيقنوا أَنهم ملاقون ربهم فمجازيهم على ما اقترفوه من ظلم وما فعلوه من جرم وإِثم.
٥ - (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ):
وهو يوم القيامة، فعظمه كبير لا يقادر قدره، وقد وصف بذلك لعظم ما فيه من الأَهوال والشدائد الجسام.
أَي: يقومون لحكمه وقضائه ولمحض أَمره وطاعته لا لشيءٍ آخر، وروى عن ابن عمر عن النبي ﷺ في هذه الآية قال:"حتى يغيبَ أَحدُهم في رشحهِ إِلى أَنصاف أُذنَيْه" وقد ورد أَنه المراد من قوله تعالى: "تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّروحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ". وقد روي عن النبي ﷺ:"إِنه ليخفَّف عن المؤمنِ حتى يكونَ أَخفّ عليه من صلاة المكتوبة يصليها في الدنيا" وهو مروي عن ابن عباس وإِسناده صحيح.
والآية تدل على التهديد والوعيد؛ حيث أَبانت أَن الناس تقوم لرب العالمين، والقيام في هذا اليوم لا يكون إِلاَّ مع غاية الخشوع ونهاية الذلة والخوف والرهبة من جلال الله وغضبه هذا مع وصف نفسه -جل شأْنه- بأَنه رب العالمين؛ فهو مالك نواصيهم، والقاهر فوقهم والمتصرف فيهم تصرفًا تامًّا ولا معقب لحكمه.