-تعالى- قال بعد هذه الآية:(تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) والنظر المقرون بالنضرة: هو رؤْية الله -تعالى- على ما قال:"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبَّهَا نَاظِرَةٌ"، ومما يؤكد هذا التأْويل أَنه يجب الابتداءُ بذكر أَعظم اللذات وما هو إِلا رؤْية الله -تعالى- أهـ.
ويستبين ويظهر فرحهم وسرورهم -أَيضًا- بما يبصره ويشاهده الرائي في وجوههم من الضحك والاستبشار والبهجة، قال تعالى:"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ"(١) أَوَ أَن الله يزيد في وجوههم من النور والحسن والبياض ما لا يستطيع أَن يصفه واصف لتناهيه في ذلك.
٢٥ - (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ):
وختم الله أَمارات وعلامات تنعمهم بأَنهم يسقون من خمر لا غش فيها ولا شيءَ يفسدها أَو يغتال عقل شاربها، أَو من شراب خالص نقيّ، وقد ختم على قواريره وأوانيه -تكريما له- بالصيانة والحفظ على ما جرت به العادة من ختم ما يكرم ويصان، وقد خص الله به الأبرار لشرفهم وعلو منزلتهم مع أَن في الجنة أَنهارًا من خمر لذة للشاربين؛ لأَن هذا المختوم أَشرف وأَعلى قدرًا من الخمر الجاري في الأَنهار.
أَي: أَن الذي يختم به ويسد به رأْس قَوَاريره وأَوانيه هو المسك، أَو أَن المراد من (خِتَامُهُ) هو أَن عاقبته وآخره ريح المسك، فإِذا رفع الشارب فمه من آخر شرابه وجد ريحه كريح المسك لذاذة وذكاءَ رائحة مع طيب الطعمِ، فالختام آخر كل شيءٍ ومنه ختمت القرآن والأَعمال بخواتيمها.
(وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ) أَي: وفي ذلك الأَمر العظيم والثواب الجزيل فليتسابق المتسابقون، وليرغب ويبادر الراغبون؛ لأَنه النعيم الجليل الأَبدي الدائم الذي