وقيل: الطبق: جمع، وهي المرتبة، والمعنى: لتركبن أَحوالا بعد أَحوال هي طبقات في الشدة بعضها أَعظم من بعض، وهي الموت وما بعده من مشاهد القيامة وأَهوالها.
وفسر بعضهم الأَحوال التي يلاقيها النَّاس بما يكونون عليه في الدنيا من كونهم نطفة إِلى الموت وما يكونون عليه في الآخرة من البعث إِلى حين استقرارهم في إِحدى الدارين الجنة أَو النَّار.
أَخرج البخاري عن ابن عباس أَن الخطاب للنبي ﷺ وعليه يراد: لتركبن أَحوالا شريفة بعد أُخرى من مراتب القُرْبِ، أَو من مراتب الشدة في الدنيا باعتبار ما يقاسيه في تبليغ الرسالة، أَو الكلام عِدَةٌ بالنصر وتبشير بالمعراج، أَي: لتركبن سماءً بعد سماءِ، واختار ابن كثير هذا القول -وقال: والصواب من التأْويل قول من قال: لتركبن يا محمد حالا بعد حال وأَمرًا بعد أَمر من الشدائد، والمراد بذلك- وإِن كان الخطاب موجهًا إِلى رسول الله -جمع الناس، وأَنهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأَحواله أَهوالا- أهـ: ابن كثير.
٢٠ - (فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ):
الفاء في قوله تعالى:(فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) يجوز أَن تكون لترتيب ما بعدها من الإِنكار والتعجيب على ما قبلها من أَحوال يوم القيامة وأهوالها المشار إِليها بقوله تعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) أَي: إِذا كان حالهم يوم القيامة كما أُشير إِليه فأَي شيءٍ يمنعهم من الإِيمان بالله ورسوله وسائر ما يجب الإِيمان به بعد ذكر ما يلقاه كل مخالف من الأَهوال؟ ويجوز أَن يكون لترتيب ما بعدها على ما قبلها من عَظيم شأْنه ﵊ المشار إِليه بقوله تعالى:(لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) على أَن المراد بالمخاطب رسول الله ﷺ أَي: إِذا كان هذا حاله ﷺ كما أُشير إِليه فأَي شيءٍ يمنعهم من الإِيمان به ﵊؟!