وعن السدي أَنه قال: أَمهلهم حتى آمر بالقتال، وآتيك فيهم بأمر حاسم، أَي: أَمهل الذين كفروا بدعوتك التي واجهتهم بها، ولعله المراد بالإِمهال القريب أَو القليل، واختار بعضهم أَن يكون المراد الإِمهال إِلى يوم القيامة ليعم من واجههم بالدعوة ومن كفروا بها بعد، لأَن ما وقع بعد الأَمر بالقتال -كالذي وقع بالكفار يوم بدر وفي سائر الغزوات- لم يعم جميع الكفار، وما يكون يوم القيامة يعمهم جميعًا، والتقريب يكون باعتبار أَن كل آت قريب.
والظاهر ما قاله السدي، وقد أَصابهم بعد الأَمر بالقتال ما أَصابهم من قتل أَبطالهم وقهرهم وإِذلالهم، وظاهر كلام أَبي حيان أَن الأَمر الثاني (أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا) تأَكيد للأَمر الأَول (فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ) والمخالفة بين اللفظين بين "مَهِّل" و"أَمْهِل" لزيادة تثبيته ﷺ وتصبيره ﵊ ودلت الزيادة المشعرة بالتغاير على أن كلاًّ من اللفظين كلام مستقل بالأمر بالثاني فهو أَوكد من مجرد التكرار، والله أَعلم.