لا تسمع فيها كلمة ذات لغو أَو لا تسمع نفسًا تلغو، فإِن كلام أَهل الجنة ذِكْر وطاعة وحمدٌ لله على ما رزقهم من النعيم الدائم، ويراد باللَّغو: الباطل، أَو كل قبيح من الكلام، أَو ما لا يعتد به من الأَقوال والأَفعال، وفي تنزيه نعيم أَهل الجنة عمَّا هو من لوازم نعيم غيرهم في الدنيا تنبيه للمؤمنين إِلى أَنه لا يليق بهم أَن يكونوا من أَهل اللَّغو مهما فاض عليهم النعيم، واتسعت لهم النعمة، بمعنى أَن نعيمهم ينبغي أَن يكون نعيم أَهل الفضل والجد لا نعيم أَهل الجهل والحمق.
أَي: في تلك الجنة عين عظيمة لا ينقطع ماؤُها عن الجريان، أَو عيون كثيرة، كقوله تعالى:(عَلِمَتْ نَفْسٌ) أي: نفوس، والتنوين في (عين) للتعظيم، أَو التكثير، ووصف ماءَ العيون بالجريان للإِشارة إِلى أَنه بارد صافٍ، لأَن ماءَ العيون إِذا كان جاريًا يكون في العادة باردًا صافيًا مع ما في منظر الماءٍ الجاري من مسرة وارتياح.
(فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ) أَي: أن سرر الجنة مرفوعة عن الأَرض، أو رفيعة المقدار، كثيرة الفرش؛ زيادة لهم في الراحة والنعيم. قالوا: فإذا أَرادوا الجلوس عليها تواضعت لهم.
(وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ) بين أَيديهم لمن أرادها من أَصحابها، أو موضوعه على حافة العيون، معدة للشرب، لا تحتاج إلى من يملؤها، وهي قداح لا عُري لها.
(وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ) وهي الوسائد التي صف بعضها إِلى بعض للاستناد إِليها، والاتكاءِ عليها، سواءٌ أَكانت هذه على السرر أَو في جوانب المسكن، فإذا أَراد المؤمن أَن يجلس جلس على واحدة واستند إِلى أَخرى.
والنمارق: جمع نُمْرُقَة، وهي الوسادة الصغيرة.
١٦ - (وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ):
أَي: بسط عراض فاخرة، مبسوطة هنا وهناك لمن أَراد الجلوس عليها، أَو مفرقة في المجالس. وقال الفراءُ: هي الطنافس التي لها خمل رقيق، أَي: هدب، وقال الراغب: إِنها في الأَصل ثياب محبرة منسوبة إلى موضع، ثم استعيرت للبسط، وواحد الزرابي زربية - مثلثة الزاي.