للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١٧ - (كَلاَّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ):

بدئت الآية بقوله سبحانه (كَلاَّ) لردع الإِنسان عن قوليه المحكيين في الآيات السابقة والتكذيب له فيهما، وقال ابن عباس المعنى: لم أَبتله بالغنى لكرامته عليّ، ولم أَبتله بالفقر لهوانه عليّ، بل ذلك لمحض القضاءِ والقدر، قوله -سبحانه- (بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) إِلى آخره، انتقال وترق من ذمه بالقبيح من القول إِلى الأَقبح من الفِعْلِ، وتوجيه الخطاب إِلى كفار مكة الداخلين فيما سبق دخولا أَوليًا لتشديد التقريع أَي: بل لكم أَفعال وأَحوال أَشد شرًا مما ذكر، وأَدل على تهالككم على المال الذي أَكرمكم الله بكثرته فتبخلون به، وتحرمون اليتيم الذي هو أَهل له، وأَحق بالبر به والإِحسان إليه كما جاءَ في الحديث الذي رواه ابن ماجة عن أَبي هريرة عن النبي قال: "خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتَيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يتَيِمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ" وورد أَيضًا: (أَنَا وَكَافِلُ اليَتيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وقرن بين أُصبعيه: الوسطى والتي تلي الإِبهام) كما رواه البخاري ومسلم.

١٨ - (وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ):

أَي: لا يحض بعضكم بعضًا على إِطعام المساكين، ولا تأْمرون به، والمراد من المسكين، ما يعم الفقير.

١٩ - (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا):

أَي: وتأْكلون المال الموروث أَكلا ذا كمٍّ وجمع من أَي جهة حصل لكم من حلال أَو حرام، وكانوا لا يورثون النساء والصبيان، ويأْكلون أَنصباءَهم ويقولون: لا يأْكل الميراث إِلا من يقاتل ويحمي الحوزة، أَو يأْكلون ما تركه المورث سواء أَجَمَعَه من حلال أَم من حرام عالمين بذلك.

وفي الكشاف: يجوز أَن يذم الوارث الذي ظفر بالمال سهلا مهلا من غير أَن يفرق في جمعه فيسرف في إِنفاقه، ويأْكله أَكلا واسعًا جامعًا.