المعنى: هؤلاء المتقون الذين ينعمون بهذا النعيم، هم الذين يقولون - بإخلاص ويقين - ربنا إننا صدقنا بالذي أنزلته على رسولك محمد وسائر من سبقه من الرسل، فاغفر لنا - ببركة هذا اليقين الثابت - ذنوبنا: صغائرها وكبائرها، واحفظنا من عذاب النار التي لا طوْق لأحد بقليلها، فكيف يطيق سعيرها!
هذه الأوصاف الكريمة، هي بقية أوصاف المتقين، الذين وعدوا بالجنات وما فيها من نعيم مقيم.
والمعنى: الصابرين على مشاق الطاعات والنوائب، وعن مغريات المعاصي من مُتَع الحياة الدنيا. والصادقين في إيمانهم وأقوالهم وأفعالهم. والخاضعين المطيعين لتكاليف ربهم. والمنفقين لأموالهم: في حقوق الله تعالى وحقوق ذويهم، وفي أنواع البر التي ندبهم الله ورسوله إليها. والمستغفرين ربهم في أواخر الليل والناس نيام. فهم ينهضون من لذيذ المنام، وينتزعون أنفسهم من فراش الراحة والغفلة، ويطلبون غفران ربهم لما عسى أن يكون قد فَرَط منهم من ذنوب. وهم قائمون في محاريبهم، أو جالسون بين يدي مولاهم، إيثارًا لطاعة ربهم على هوى نفوسهم.
وقد جاء في فضل الطاعة في الأسحار آثار عديدة:
منها ما رواه النسائي بسند صحيح، عن النبي ﷺ:"إن الله سبحانه يُمهل حتى يمضيَ شطرُ الليل الأول، ثم يأمر مناديًا فيقول: هل مِنْ دَاعٍ يستجاب له؟ هل من مستغفر يُغْفَرُ له؟ هل من سائل يُعطَى؟ ".
وفي الصحيحين عن عائشة ﵂ قالت:"مِنْ كُلِّ اللِّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رسول الله ﷺ، من أوله وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحَر".