للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجمهور العلماءِ على أَنه -عليه الصلاة والسلام- قد فطر على الإِيمان بالله، وما كان صلى الله عليه وسلم على دين قومه لحظة واحدة بدليل قوله تعالى: "مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى" (١)، وأنه كان يتعبد في الغار قبل البعثة على دين إبراهيم.

وقيل: ضل في الطريق وهو مع عمه أَبي طالب في رحلة الشام عندما عدل إِبليس بناقته صلى الله عليه وسلم عن الطريق فجاءَ جبريل - عليه السلام - وردّه إِلى القافلة، وقيل ضل عن جده في شعاب مكة فرآه أَبو جهل منصرفا عن أَغنامه فردّه إِلى جده وهو متعلق بأَستار الكعبة يضرع إلى الله تعالى ويقول:

يارب ردَّ ولدي محمدًا ... اردده ربّي واصطنع عندي يدا

٨ - (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى):

أَي: عَلِمَكَ مفتقرًا فأَغناك بما أَفاءَ الله عليك من ربح التجارة في مال السيدة خديجة وبما وهبته - رضي الله عنها- له صلى الله عليه وسلم.

أَو أَغناك بالقناعة، فجعل قلبك راضيًا، أَو أَغناك بالحجج والبراهين.

٩ - (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ):

أَي: لا تقهر بظلمه، ولا تتسلط عليه بأَخذ ماله، بل عليك أَن تدفع إليه حقه، وخص اليتيم لأَنه لا ناصر له غير الله، وفيه أَيضًا تذكير الرسول صلى الله عليه وسلم بيتمه ليكون أَكثر رعاية له، ودلت هذه الآية على اللطف والشفقة على اليتيم وبره والإِحسان إِليه، لأَن ذلك يلين القلب ويذهب قسوته وغلظته، فعن أَبي هريرة - رضي الله عنه- أَن رجلا شكا إِلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة فقال: "إِذَا أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ فَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيم وأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ" (٢) وفي الصحيح أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَهَاتَيْنِ" وأَشار بالسبابة والوسطى.


(١) سورة النجم، الآية: ٢.
(٢) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>