يراد بها مسجد دمشق، وقيل: هي نفسها، وقيل: الجبل الذي عندها، واختلفوا كذلك في الزيتون، فقال كعب الأَحبار، وقتادة، وابن زيد وغيرهم: هي مسجد بيت المقدس وقيل: بيت المقدس نفسه، وقيل غير ذلك؛ لأَنها منابت التين والزيتون، وعلى هذه الأَقوال يكون التين والزيتون كناية عن مواضع كنى بها عن مغارسها التي تكثر فيها، حتى يتناسب الإِقسام بهما مع الإِقسام بطور سينين، وبالبلد الأَمين اللتين عطفتا عليهما، وقال قليل من المفسرين: إِن الإِقسام هو بالنوعين لذاتهما، لاختصاصهما بخواص عجيبة، وفوائد عظيمة، روى أَبو ذر أَنه أَهدى إلى النبي ﷺ طبق من تين، فأَكل منه، وقال لأَصحابه:"كلو، فلو قلت: إِن فاكهة نزلت من الجنة لقلت: هذه" إِلى آخر ما روي، وأَما الزيتون فهو إِدام، وله فوائد جمة، وشجرته من الشجرة المباركة المشهود لها في التنزيل، وعن معاذ بن جبل أَنه مر بشجرة زيتون، فأَخذ منها سواكًا فاستاك به وقال: سمعت النبي ﷺ يقول: "نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة".
ورجح الرأْي الأَول على الثاني حيث فقد في الثاني التناسب الذي يقتضيه العطف إذ عُطِفَت الأَماكن على الأَشجار، وهو أَن المراد بهما مغارسهما-:
٢ - (وَطُورِ سِينِينَ):
هو الجبل الذي كلم الله تعالى - عليه موسى ﵇ ويقال له أَيضًا: طور سيناء -بفتح السين وكسرها مع المد- وهو بقرب التيه، وقيل: إِن سينين وسيناءِ علمان على البقعة التي فيها الجبل، وعن قتادة أَنه قال: سينين مبارك حسن ذو شجر، وقيل: كل جبل فيه أَشجار مثمرة يسمى سينين وسيناء.
٣ - (وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ):
وهو مكة المكرمة، وَأَمَانَتَهَا أَنها تحفظ من دخلها كما يحفظ الأَمينُ ما يؤتمن عليه، ويبذل الجهد في حفظه وصيانته، فلا يعتريه أَي: أَذى أَو عدوان.