والمعنى: هل عرفت وعلمت الذي يكذب بالجزاءِ والبعث؟ أَو بالإسلام وتعاليمه من هو؟
٢ - (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ):
الفاءُ للسببية، وما بعدها مسبب عن التشويق الذي يدل عليه الكلام السابق.
والمعنى: إن أَردت أَن تعرفه فهذه صفاته: فذلك الذي يكذب بالدين، هو الذي يدعُّ اليتيم، أي: يدفعه ويزجره، مع إظهار الجفوة والاحتقار له والتَّعالي عليه.
٣ - (وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ):
أي: ولا يحث نفسه ولا غيره، ولا يبعث أَحدًا من أَهله وغيرهم من الموسرين ويحثه على طعام المسكين، أي: على بذل طعام المسكين، وهو ما يتناوله من الغذاء، والمسكين: هو الفقير المحتاج الذي لا شيءَ له يقوم بأَوده وكفايته، والتعبير بـ (طعام المسكين) للإشعار بأَن المسكين كأَنه مالك للطعام الذي يقدم له، كما في قوله تعالى:"وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"(١) فهو بيان لشدة الاستحقاق، وفيه إشارة للنهي عن المنّ.
قال الزمخشري: جعل عَلَمَ (وأَمارة) التكذيب بالجزاءِ منع المعروف، والإقدام على إيذاء الضعيف، يعني: لو أنه آمن بالجزاءِ وأَيقن بالوعيد لخشي الله تعالى وعقابه، ولم يقدم على ذلك، فحين أَقدم عليه عُلِم أنه مكذب، فما أشده من كلام، وما أبلغه في التحذير من المعصية؛ وأنها جدبيرة بأَن يستدل بها على ضعف الإيمان.
وفيه إِشارة إلى أن الإنسان إذا عجز عن مساعدة المسكين كان عليه أن يحث غيره من القادرين على ذلك ويدعوه إلى فعل الخير.
ثم وصل به قوله تعالى:(فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) كأنه قيل: فإِذا كان الأمر كذلك وكان دَعِّ اليتيم ودفعه وعدم الحض على طعام المسكين بهذه المثابة فويل، أي: هلاك وعذاب، أو واد في جهنم للمصلين
(الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) أَي: الذين يسهون عن الصلاة،