ولما كانت زيادة الزمان في في كل منهما على حساب النقص في الآخر، جعل ذلك إدخالا لأحدهما في الآخر على سبيل الاستعارة.
أما إخراج الحي من الميت، فالمراد منه تكوينه من المواد الأولية التي تبني الأجساد، كالماء والهواء، وأشعة الشمس والغذاء الذي فقد الحياة بنزعه من أصله.
فمن هذه المواد الميتة تتكون المنطقة المملوءَة بالحياة. ومن النطفة يتكون الجنين الحي.
وكما أن منشأ الحيوان ما ذكر، فكذلك منشأُ النبات الحي: الماءُ والهواءُ، وأشعة الشمس والغذاء. وغذاءُ النبات تربة الأرض. وكل ذلك من قبيل الميت. وبذلك اتضح قوله تعالى:"يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ"(١).
ولا ينبغي أن يفهم أحد أن النبات ليس مقصودا من الآية، بزعمه أن النبات ليس فيه حياة. كلا .. لا ينبغي له ذلك .. فإن النبات إذا فقد أسباب الحياة ذبل وتلاشى، ولم يؤْت ثمرا ولا حَبًّا. فهو - لذلك - داخل في الآية قطعا.
وأمَّا إخراج الميت من الحي، فالمراد منه إبطال الحياة من الحي بأي سبب أراده الله. فتبطل آثارها، ويعود الجسم إلى أصله الميت، وهو الماءُ والتراب، بعد التحلل والتفاعل مع العوامل التي تنتهي به إلى ذلك.
ومعنى الآية: يطيل الله الليل في بعض فصول السنة، بإضافة جزء من النهار إليه. ويطيل النهار في بعض فصولها، بزيادة جزءٍ من زمان الليل فيه. ويخرج الحيَّ من المواد الأولية الميتة التي خلق منها، كالماء والتراب وبعض عناصر الهواءِ. ويخرج الميت منَ الحيِّ بأن يُفقده أسباب الحياة، فيموت ويعود إلى أصله. ويرزق من يشاءُ رزقه بغير حساب. أي رزقا واسعا، بغير تضييق عليه.
وكما يرزق من يشاءُ بغير حساب، يضيقه على من يشاءُ لحكمة تقتضيه. ولم يذكر ذلك في الآية لعلمه من أمثاله فيما سبق، ولأن من يملك الإعطاءَ يملك المنع.
ويرى بعض المفسرين: أن إخراج الحي من الميت، معناه: إخراج الجنين من النطفة أو الفرخ من البيضة. وأن إخراج الميت من الحي، معناه: إخراج النطفة من الحيوان أو البيضة من الدجاجة.
ولكن هذا الرأي لا يقبل إلا على سبيل التشبيه، يجعل النطفة - أو البيضة بجانب الحيوان الذي يتكون منها - كالشيء الميت، لعظم الفرق بينهما. أما على الحقيقة فلا،