قال ابن الأَنباري: لا خلاف بين أَهل اللغة في أَن (الصمد) هو السيد الذي ليس فوقه أحَد، الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وفي أُمورهم، وعن أَبي هريرة: هو المستغني عن كل أحد، المحتاجُ إليه كلُّ أَحد.
قال الآلوسي: والمعول عليه تفسيرًا: أن الصمد السيد الذي يصمد إليه الخلق في الحوائج، ويقصدونه في المطالب، وتفسيره بغير ذلك أما راجع لذلك، أو لا تساعد عليه اللغة. أهـ.
وبهذه العقيدة الصافية من الشوائب، وبهذا التوحيد الخالص، أَبطل الإسلام عقيدة مشركي العرب الذين يتخذون الشفعاءَ والوسطاءَ من الأوثان تقربًا إلى الله، وهو عقيدة غيرهم من أهل الأديان الأُخرى الذين يعتقدون بأن لرؤسائهم منزلة عند ربهم ينالون به التوسط لغيرهم لدى ربهم في نيل مآربهم، وحرّر الإسلام الإنسان لأَول مرة في تاريخ البشرية من نير العبودية لغير الله وحده.
وقال الرمخشري:(الصَّمَدُ)(فَعَل) بمعنى (مفعول) من صمد إليه: إذا قصده.
٣ - (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ):
(لَمْ يَلِدْ) أي: تنزه ربنا أَن يكون له ولد، لأن الولادة تقتضي انفصال مادة منه سبحانه، وذلك يقتضي التركيب النافي للأحدية، ولأن الولد من جنس أبيه، وهو تعالى لا يجانسه أحد لأنه سبحانه واجب الوجود، والاقتصار على الماضي دون أن يقال: لن يلد؛ لوروده ردًّا على من قال: إن الملائكة بنات الله، أو المسيح ابن الله.
(وَلَمْ يُولَدْ) وكذلك نفي المولودية عنه سبحانه لاقتضائها المادة، فيلزم التركيب المنافي للغنى المطلق، والأُحدية الحقيقة، أو لاقتضائها سبق العدم، أو لاقتضائها المجانسة المستحيلة على واجب الوجود، وقدّم نفي الولادة لأنه الأهم؛ لأن طائفة من الكفار توهموا