هذه الآية - وما يليها من آيات - تحكي قصة عيسى بن مريم ﵉. والمراد بالملائكة هنا: الجنس. والمقصود منه جبريل ﵇، على المشهور. والقول من الملائكة لمريم، كان مشافهة. كما رواه ابن أبي حاتم عن قتادة.
وإطلاق لفظ:(كلمة) على عيسى ﵇، لأنه لم يجر على نسق البشر. إذ خلق بغير أب .. متأثرا بقوله تعالى في شأنه:(كُن) كما قال تعالى: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ"(١). وبما أن (كُنْ) كلمة، فلذا سُمِّيَ:(كلمة).
والمسيح: لقب لعيسى ﵇. وهو من الألقاب ذات الشرف. كالفارق لعمر. وهو لقب عبري. ومعناه: القائم على عبادة الله. ومع كونه لقبا، فقد صرحت الآية بأنه اسم له. والألقاب إذا اشتهرت، صارت أسماء.
ووجاهته في الدنيا: شرفه وقدره العظيم، بقبول دعائه: إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وغير ذلك، مما أكرمه الله به.
وقيل: وجاهته فيها: براءَته من العيوب التي افتراها عليه اليهود.
أما وجاهته في الآخرة: فهي بقبول شفاعته، وعلو درجته، وظهور كذب اليهود فيما افتروه عليه، وعقابهم على ما افتروه.
والمراد من كونه (مِنَ الْمُقَرَّبِينَ): أنه ممن علت مكانتهم عند الله تعالى وعند الناس.
وخلاصة المعنى: اذكر يا محمد، حين قالت الملائكة لمريم - يا مريم: إن الله يخبرك بخبر يسرك. هو: أنه سيمن عليك بغلاف اسمه المسيح عيسى بن مريم: ذا جاه وشرف في الدنيا، بما يظهره الله على يديه من المعجزات، وبما اتصف به من الصلاح والتقوى. وذا جاه في الآخرة: بقبول شفاعته، وظهور صدقه وعلو درجته. ومن المقربين إلى الله والناس، المحبوبين لديهم.