وقد حكى الله مقالاتهم في القرآن، ورد على من عدا الفرقة الأُولى، التي تعتبر متبعة لرسولها، في تنزيه الله عن الصاحبة والولد والشريك.
وهذه هي العقيدة السليمة التي جاءَ بها المرسلون جميعا.
وكل من دان بها، فهو تابع لرسوله. كما هو تابع لجميع المرسلين وأصحابهم هم المؤمنون. ومن عداهم فهم كافرون.
وقد وعد الله - في هذه الآية - أنه جاعل من اتبع عيسى ﵇، فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، أي أنهم يكونون أعلى منهم.
والعلو المقصود من الآية: يحتمل أن يكون علوًّا في الدرجة والمنزلة عنده تعالى. فالمتبعون له - في حكم الله وقضائه - في أعلى الدرجات إلى يوم القيامة. ولا مكانة ولا منزلة عنده - جلَّ وعلا - لِمَنْ لم يتبع عيسى: بأن كفر به، أو آمن به ولكنه جعله إلها أو ابن الله. تعالى الله عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا.
ويحتمل أن يكون العلو بمعنى الغلبة والقهر. وذلك إما بالحجة والبرهان - ولا شك أن أهل الحق منهم، أقوى حجة على أهل الباطل منهم ومن غيرهم، كاليهود والمشركين - وإما بالقتل والأسر. وقد حدث ذلك بعد رفع عيسى.
وفي ذلك يقول الله تعالى:"قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ"(١). ولعله حدث في أوقات أُخرى مثل ذلك.
وقد انقرض المؤمنون المتبعون لما جاءَ به عيسى ﵇. وأصبح جميع النصارى قبل بعثة النبي محمد ﷺ، يؤَلهون عيسى. ويقولون: هو ابن الله. أو هو الله. أو هو ثالث ثلاثة.
وعلى أي حال كانت عقيدة النصارى في عيسى، فإنهم - منذ البعثة المحمدية - لا يعتبرون متبعين لعيسى ﵇، إن كفروا بمحمد ﷺ.