ويحتمل أن يكون المراد به: ما يشمل العقلاء وغيرهم، ويكون المعنى: ولمشيئته تعالى، خضع وانقاد جميع الكائنات في السموات والأرض: طائعة أو مسخرة. كما في قوله تعالى:"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ … "(١) الآية.
لَمَّا بين الله تعالى: أنه أخذ الميثاق على كل نبي: أن يؤمن بغيره من الأنبياء، وأنه لا يصح لأهل الكتاب أن يكفروا بدين الله الذي أنزله على محمد - وهو ممن أخذ الله الميثاق على الإيمان بهم وبدينهم - لَمَّا بين الله هذا كله - أمر نبيه محمدًا ﷺ، أن يؤمن بمن سبقه من الأنبياء، وألا يفرق في الإيمان بين أحد من رسله، ليكون في الإيمان بهم، كما كانوا في شأن إخوانهم الأنبياء، وهو خاتمهم.
والمعنى: قل يا محمد، معبرا عن نفسك، وعن المؤمنين: آمنا بالله تعالى، وبما أُنزل علينا من القرآن العظيم، وما أُنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأنبياء من أبنائه الأسباط، من كتب. وما أُوتي موسى وعيسى من التوراة والإنجيل، وما أُعطي سائر الأنبياء من ربهم من مختلف الكتب: لا نفرق بينهم، فلا نؤمن ببعض، ونكفر ببعض كما فعل اليهود، إذ كفروا بعيسى ومحمد ﵉، وكما فعل النصارى إذ كفروا بمحمد ﷺ، ونحن له منقادون: نطيعه فيما أمرنا به، وننتهي عما نهانا عنه.
ومن يطلب دينا غير دين الإسلام يتدين به: عقيدة وعملا، فلن يقبله الله منه، لأنه غير ما شرعه الله لخلقه. وإذا كان الله لا يقبل دينا غير الإسلام - فكل من دان بغيره، يكون في الآخرة من الخاسرين، لأنه محروم من الثواب، خالد في العقاب.