للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٩١ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ … ﴾ الآية.

المعنى: إن الذين كفروا بما أنزل على محمد ، وماتوا وهم كفار دون أن توقظهم الآيات، وتلفتهم النذر، فلن يقبل من أحدهم ملءُ الأرض ذهبا لو أنفقه - قبل أن يموت - في المبرات والخيرات. وكذا لو اقتدى به يوم القيامة. لو فرض أن له مالا يومئذ وأن الفداء بالمال ينفع .. قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (١).

والغرض من قوله تعالى: (وَلَو افْتَدَى بِهِ) تعميق اليأس في نفوس الكافرين المصرين على كفرهم، حتى يعلموا أنهم لا نجاة لهم بغير الإيمان.

(أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ):

أُولئك المصِرُّون على الكفر حتى ماتوا، لهم عذاب شديد الإيلام. وما لهم من ناصرين ينقذونهم من ذلك الجزاء الخالد.

٩٢ - ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)﴾:

هذا كلام مستأنف، لبيان ما ينفع المؤمنين ويقبل منهم، إثر بيان ما لا ينفع الكفار ولا يقبل منهم.

المعنى: اختلف في تفسير البِرِّ الوارد في الآية. فابن عباس وابن مسعود وغيرهما، فسروه بالجنة.

وقيل: هو العمل الصالح. فقد جاءَ في الحديث الصحيح: "عَلَيْكُم بالصِّدْق، فإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ. وإِنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنة .. " رواه مسلم والبخاري وأحمد والترمذي. وقيل غير ذلك، مما يدور حول هذين المعنيين.


(١) المائدة: ٣٦.