أي وكنتم - بسبب كفركم وما جرَّكم إِليه من عداوتكم - مشرفين على الوقوع في نار جهنم؛ إِذ لو أدرككم الموت - على هذه الحال - لوقعتم فيها. ولكن الله أَنقذكم منها، بأَن هداكم للإِيمان، وزيَّنه في قلوبكم، فكان ربَاطا موحدًا لكم.
يأْمر الله المؤمنين - بعد استكمال إيمانهم في أَنفسهم - أَن يمتد خيرهم، ويتجاوز برُّهم إلى غيرهم: بأَن يكون منهم جماعة متفقهة في الدين: يدعون الناس - على بصيرة - إلى الإِسلام. وكله خير. فيأْمرون بكل ما عُرِف حسنه عقلا وشرعًا، وينْهَوْنَ عن كل ما هو منكر كذلك.
وقد دلت الآية على أَن الأُمة: يجب عليها أَن تخصص طائفة منها: تقوم بالدعوة إلى الله، كما قال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (١).
وهذا لا يعفى سائر أفراد الأُمة من القيام بهذا الواجب: كل بحسب طاقته.
ويؤَيد هذا، ما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: قال ﷺ: "من رأَى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإِن لم يستطعْ فبلسانه، فإِن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإِيمان".
وفي رواية أُخرى لمسلم. "وليس وراءَ ذلك من الإِيمان حبةُ خردل".