للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي وكنتم - بسبب كفركم وما جرَّكم إِليه من عداوتكم - مشرفين على الوقوع في نار جهنم؛ إِذ لو أدرككم الموت - على هذه الحال - لوقعتم فيها. ولكن الله أَنقذكم منها، بأَن هداكم للإِيمان، وزيَّنه في قلوبكم، فكان ربَاطا موحدًا لكم.

﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾:

أَي بمثل هذا البيان الواضح، يبين الله لكم سائر آياته؛ لكي تثبتوا على الهدى، وتزدادوا فيه اعتصاماً وقوة.

١٠٤ - ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ … ﴾ الآية.

يأْمر الله المؤمنين - بعد استكمال إيمانهم في أَنفسهم - أَن يمتد خيرهم، ويتجاوز برُّهم إلى غيرهم: بأَن يكون منهم جماعة متفقهة في الدين: يدعون الناس - على بصيرة - إلى الإِسلام. وكله خير. فيأْمرون بكل ما عُرِف حسنه عقلا وشرعًا، وينْهَوْنَ عن كل ما هو منكر كذلك.

وقد دلت الآية على أَن الأُمة: يجب عليها أَن تخصص طائفة منها: تقوم بالدعوة إلى الله، كما قال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (١).

وهذا لا يعفى سائر أفراد الأُمة من القيام بهذا الواجب: كل بحسب طاقته.

ويؤَيد هذا، ما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: قال : "من رأَى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإِن لم يستطعْ فبلسانه، فإِن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإِيمان".

وفي رواية أُخرى لمسلم. "وليس وراءَ ذلك من الإِيمان حبةُ خردل".


(١) التوبة من الآية: ١٢٢.