والمعنى: ولو آمنوا جميعاً، مثل إيمانكم بمحمد وبكل ما جاء به، لكان ذلك خيرا لهم من البقاءِ على ما هم عليه؛ حُبًّا في الرياسة واستتباع العوام؛ لأن إيمانهم بمحمد - وبما جاءَ به - يحقق لهم سعادة الدنيا والآخرة. ولكنهم اختلفوا فكِان ﴿مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ﴾: كعبد الله بن سلام، وأَضرابه ﴿وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾: أَي المتمردون في الكفر، الخارجون عن الحدود.
سيقت هذه الآية، لتطمئن المؤمنين الصادقين؛ بأَن هؤُلاءِ الفاسقين من أهل الكتاب، لن يستطيعوا إلحاق أي ضرر بالغ بهم، ما داموا معتصمين بدينهم. وكل ما يستطيعون أن يلحقوه بهم، لا يتعدى أن يكون أَذى يسيراً لا يبالَى به: كالطعن: والشتم، والسخرية، والتهديد، والوعيد.
﴿ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾: عليكم. وظهورهم على المسلمين - في بعض الأَحيان - يرجع إلى ترك المسلمين الاعتصام بدينهم، وإِهمالهم إِعداد العدة، كما أمرالله بقوله: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ (١).