للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: إن الذين كفروا بما يجب الإيمان به - كيفما كان كفرهم - لن تدفع عنهم أَموالهم - مهما بلغت - ولا أَولادهم - مهما كانت معونتهم - من عذاب الله شيئاً: قليلاً كان أَو كثيراً.

وليس المراد: خصوص الأَموال والأَولاد، بل كل ما يعتبره الإنسان وسيلة قوة ومنعة.

وإِنما خص الأموال والأَولاد بالذكر؛ لأَن الإِنسان - في الغالب - يدفع عن نفسه تارة بالفداءِ بالمال، وأخرى بالاستعانة بالأولاد.

فأَخبرهم الله تعالى بأَن الكافر لا ينفعه شيءٌ من ذلك في الآخرة، ولا مخلص له من العذاب ولا محيص عنه.

﴿وَأُولَئِكَ﴾: المتصفون بالكفر.

﴿أَصْحَابُ النَّارِ﴾: أهلها، الملازمون لها.

﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾:

لا يبرحونها أبدًا، كما قال سبحانه: ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ (١).

١١٧ - ﴿مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ. . .﴾ الآية.

بعد ما بين - سبحانه - أَن أَموال الكفار لا تدفع عنهم العذاب في الآخرة، أتبع ذلك بيان أَنهم لو أنفقوها في وجوه الخير والبر، لا يثابون عليها؛ لأَن الثواب على الطاعات، مشروط بتحقق الإيمان.

والمعنى: مثل ما ينفقونه في حياتهم الدنيا من المبرات والخيرات - في إحباطه بالكفر

وعدم انتفاعهم به - كزرع قوم ظلموا أَنفسهم بالكفر والمعاصى، فأرسل الله عليه ريحًا فيها برد شديد، فصيَّرته حطاماً لا ينتفع به، كما قال سبحانه: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ (٢).

﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ﴾: بإحباط الأَجر وذهاب الثواب على ما أنفقوا.


(١) المائدة: ٣٧.
(٢) الفرقان: ٢٣.