﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾:
أي: أنكم تخلصون لهم، وتوادونهم، وترجون لهم الخير. ولكنهم لا يحبونكم، ولا يرغبون إلا في خبالكم وفسادكم، ثم إنكم - إلى جانب حبكم لهم - تؤمنون بكل ما أُنزل من الكتب السماوية، وبالرسل الذين أُنزلت عليهم.
﴿وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا﴾: نفاقًا لكم وخداعًا حتى تستبطنوهم وتخبروهم بأسراركم، فيستغلوا مودتكم فيما ينفعهم، وفيما يَجْلب الخبال فيكم.
﴿وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾:
أي: إذا فارقوكم، وخلصوا إلى أَنفسهم، عضوا أناملهم من الغيظ حسرة وأسفاً، حيث لم يجدوا إلى التشفي والنيل منكم سبيلا.
وعض الأَنامل في الآية، كناية عن شدة الغيظ.
﴿قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ﴾:
أي: قل لهم يا محمد: موتوا بغيظكم من بقائنا على الإسلام؛ فإن الله مُتِمُّ نعمته ومكمل دينه، وَمُعْلٍ كلمته، ولو كره الكافرون.
﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾: فيعلم ما تنطوى عليه ضمائرهم، وَتُكنُّهُ سرائركم من البغضاءِ والحسد. ويكفي المسلمين شره، ويجازيكم عليه.
١٢٠ - ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا. . .﴾ الآية.
المعنى: إن نالكم خير -ولو كان قليلاً- أَحزنهم، وإن نزلت بكم مصيبة فادحة يفرحوا بها ويشمتوا بكم.
﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا﴾: على عداوتهم وكيدكم ﴿وَتَتَّقُوا﴾: الله في كل أُموركم: بفعل الواجبات وترك المنهيات. ومن ذلك ترك محبتهم واطلاعهم على أسراركم.
﴿لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾: أي لا ينال منكم مكرهم وحيلهم التي يدبرونها لكم شيئاً قليلا من الضرر، بحفظ الله الذي وعد به، ما دمتم تتقون الله وتخشون عقابه.