للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: إن الذين تركوا رسول الله . ورجعوا متأثرين بدعابة المنافقين منكم يوم التقى الجمعان بأحد. إنما أوقعهم الشيطان في الزلل ببعض ما كسبوه من الذنوب والمعاصي. كمخالفة أمر رسول الله بالثبات حتى النصر، وألا تغريهم الغنائم التي لاحت لهم.

والتعبير ببعض ما كسبوا؛ للإيذان بأن الشيطان لم يستزلهم إلا من ناحية المخالفات أما الأعمال الصالحة من الإيمان. والخروج مع الرسول وسائر الطيبات -فلا حيلة للشيطان فيها حتى يستزلهم عن طريقها. وهذا يشعر بأن جانب الخير فيهم وافرٌ متين.

﴿وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾: فغفر لهم هذا الذنب.

﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾: واسع المغفرة.

﴿حَلِيمٌ﴾: عظيم الحلم، فقلا يعجل بالعقوبة على من عصاه.

١٥٦ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا … ﴾ الآية.

هذا تحذير للمؤمنين الصادقين في عهده أن يحذوا حذو الكفار في التثبيط عن الجهاد.

والمراد بالذين كفروا: المنافقون؛ لأن هذه الآيات متعلقة بشرح أحوالهم.

ومع أن الآية نزلت في هؤلاء الصادقين من أصحاب رسول الله لتحذيرهم، فهي قاعدة عامة لنهي المؤمنين -في كل عصر- عن أن يثبطوا عن الجهاد في سبيل الله.

﴿وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ﴾:

أي: في شأنهم، أو لأجلهم؛ لأن إخوانهم الذين قالوا هذا في حقهم، ماتوا أو قتلوا. ومعنى أخوتهم لهم: اتفاقهم معهم نسباً أو مودة.

﴿إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى﴾:

الضرب في الأرض: الإبعاد فيها للتجارة ونحوها. والغُزَّى جمع غاز وهو القتل. ولإفراد كونهم غزاة بالذكر -مع اندراجه تحت الضرب في الأرض- لأنه المقصود بيانه.

وذكر الضرب الأرض: توطئة له. وتقديمه؛ لكثرة وقوعه.