وفي ذلك يقول ﷺ:"ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم (١) ".
﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾:
أي: فإذا استقر رأيك، وسكنت نفسك - بعد المشاور - فأمْضِ الأمر ولا تتردد، وتوكل على الله في تنفيذ ما عزمت عليه فإنه هو المعين لك في أمور الدين والدنيا.
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾: عليه في جميع أمورهم. وإنما يحبهم؛ لأنهم أخلصوا نفوسهم له، وطردوا عنها ما سواه، إذ لم يروا في غيره غناء.
وحب الله لهم، مجاز عن توفيقه وإرشاده لهم في الدنيا، وحسن المثوبة في الآخرة.
١٦٠ - ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ … ﴾ الآية.
أي: إن يمددكم الله بأسباب النصر، ووسائل الغلب، فلن يغلبكم غالب. فاتقوه وتوكلوا عليه وحده، وأعدوا للقتال عدته: من حشد الجنود، وإعداد السلاح، والتدبير المصحوب بالإيمان والصبر والثقة بالله .. فإن ذلك يوجب لكم النصر والغلب. وما النصر إلا من عند الله …
﴿وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾:
أي: وإن يمنع نصره عنكم، فمن هذا الذي ينصركم من بعده خذلانه لكم.
والمراد أنه لا ناصر لكم سواه.
وفي هذا تنبيه إلى أن الأمر كله لله.
﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾: أمر المؤمنين بأن يخصوا الله - تعالى - بالتوكل عليه، والثقة به، في جميع أمورهم، مع الأخذ في الأسباب.
والمراد بالتوكل، غير التواكل الذي هو ترك الأخذ بالأسباب، مما يقع فيه كثير من المسلمين، بناء على خطئهم في فهم المراد من التوكل. وهذا التواكل محرم شرعاً ..
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده، والبخاري في الأدب. وأشار إليه الترمذي في آخر باب الجهاد.