وقد جاء التصريح بسرورهم الظاهري بالنصر، في رواية طويلة، لابن مردويه، في تفسيره. جاء فيها: وإن كان لهم نصر وفتح، حلفوا لهم؛ ليرضوهم. ويحمدوهم على سرورهم بالنصر والفتح.
ولا منافاة ببن ما قاله ابن عباس، وما قاله أبو سعيد الخدري، في سبب النزول، فالآية عامة في جميع ما ذكر. وهي - وإن نزلت لهدا السبب الخاص، أو ذاك، أو لهما معًا - فهي بعموم لفظها، عامة لكل من يأتي بشي من الحسنات: بظاهره أو بحقيقته، فيفرح به فرح إعجاب، ويود أن يمدحه الناس بما هو عار عنه من الفضائل. كأن يقولوا فيه: هو صادق فيما قال. أو مخلص. فما فعل. أو عظيم الإحسان والمبرات، أو نحو ذلك مما ليس فيه.
ويدخل في هذا العموم: من نزلت فيهم الآية، دخولا أولياً.
والخطاب في قوله تعالى:(لَا تَحْسَبَن) للنبي ﷺ، أو لكل من يصلح للخطاب. والمعنى: لا تظنن الذين يفرحون - فرح إعجاب - بما جاءوا به مما ظاهره الخير، وباطنه النفاق أو العجب، أو التجرد عن النية الصالحة، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، بأن يقال: إِنهم صادقون، أو مخلصون، أو محسنون، أو غير ذلك، من الصفات الجميلة: التي أرادوا أن تقال في شأنهم على وجه الحمد والثناء، وهم منها برآء.
(فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بمَفاَزَةٍ منَ العَذَابِ): فلا تظننهم بمنجاة من العذاب الآخرة، وإن أفلتوا من المؤاخذة الدنيوية.
والمقصود من نهيه ﷺ: أن يظنهم ناجين من العذاب، هو التنبيه على أنهم معذبون حتما على نياتهم الخبيثة، ونفاقهم الممقوت، وليس المقصود نهيه حقيقة