﴿وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾: ولا تُهِنَّا فيه بعدم قبول أعمالنا الصالحة لقلتها، وعقابنا على تقصيرنا.
﴿إنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾: إن شأنك يا ربنا، ألاَّ تخلف وعدك بقبول طاعة المطبع وإثابته عليها، والعفو عن المؤمن المقصر المستغفر. وهذه الجملة تعليل لما طمعوا فيه من تحقيق المولى الكريم دعاءهم.
وتلك الدعوات ليست لخوفهم من إخلافه تعالى وعدَه بالثواب والحفظ من النار للمؤمنين، بل لخوفهم من أن يتغير حالهم، وتسوء خاتمتهم، فلا يكونوا - حينئذ - من جملة الموعودين بالثواب والنجاة. فمرجعها إلى الدعاء بالتثبيت على الإيمان والصلاح. أو للمبالغة في التعبد والخشوع.
وقد يفسر الميعاد بالبعث ولقاء الله يوم القيامة، وبه قال ابن عباس.
ويكون المعنى: ربنا لا تخزنا يوم القيامة الذي نعلم يقينا: أنه واقع لا ريب فيه، فإن وعدك الحق، وإنك لا تخلف الميعاد.
١٩٥ - ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ … ﴾ الآية.
﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾: أي أجابهم إِلى ما طلبوا، ووعدهم بتحقيق ما سألوا.
﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ﴾: بفتح همزة (أَنِّي) أي فاستجاب لهم ربهم: بأَني لا أحبط عمل عامل منكم أيها المؤمنون.
أما قراءة كسر الهمزة، فبتقدير: قائلا: (إني لا أضيع) … الخ.
﴿مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾: فكلا الصنفين في الثواب على الطاعة سواء، لا فرق بينكم فيه إِلا بقدر العمل وكيفيته. دون أن يكون للذكورة أو الأُنوثة دخل فيه. وعلل هذه المساواة بقوله جل وعلا:
﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾: فالذكر مفتقر في وجوده إلى الأنثى. والأنثى مفتقرة في وجودها إلى الرجل، فالأصل واحد.
ويجوز أن يكون المعنى: بعضكم من بعض في الطاعة والعمل الصالح. أي أنتما متماثلان. فلا وجه للتفرقة بينكما في الثواب، فإن المماثلة في العمل، تستدعي المماثلة في الأجر.