والمعنى: وإن بعض أهل الكتاب لَمَن يؤمن بالله على ما يجب له من صفات الكمال، وما أنزل إِليكم من القرآن، وما أنزلَ إليهم من التوراة والإنجيل مجردَيْن عن تحريف الحرفين منهم، خاضعِين لله فيما أمرهم به. من الإيمان بمحمد وما أنزل عليه - كما أمرهم به كتابهم - لا - يستبدلون بآيات الله التي أنزلها في التوراة والإنجيل، عوضًا قليلاً، فلم يشتركوا مع قومهم في كتمان ما جاء بهما من البشارة بالنبي محمَّد ﷺ، ووجوب الإيمان به، ولا في تحريفهما؛ رغبة في عرَض قليل من أعراض الدنيا الفانية، كالرياسة والرشوة، والإتاوات التي يفرضونها على قومهم.
وقدم الإيمان بما أنزل إلى المؤمنين وهو القرآن، على ما أُنزل إليهم وهو التوراة والإنجيل، للإيذان بأن إيمانهم بكتابهم يجب أن يكون تابعًا لما جاء في القرآن، من رَدّ ما فيهما نحو البنوة لله تعالى، ومن انتهاء العمل، بأحكامهما المنسوخة بالقرآن، وتصديق ما جاءَ بهما مما أقره القرآن الكريم شرعا لجميع المرسلين.
فهذا هو شأْن المسلمين، فإنهم - مع إيمانهم بالقرآن - يجب عليهم أَن يؤمنوا بالتوراة والإنجيل على هذا النحو، فلا يقولوا كما قال كفار أهل الكتاب: ﴿نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ (١).