روى البخاري، عن ابن عباس، قال:"كانوا إذا مات الرجلُ كانَ أولياؤُه أحقّ بامرأته: إن شاءَ بعضهم تزوجها، وإِن شاءُوا زوّجوها، وإن شاءُوا لم يزوجوها. فهم أحق بها من أهلها". فنزلت هذه الآية.
أي: لا يحل لكم أيها المؤمنون: أن ترثوا من أقاربكم زوجاتهم بعد وفاتهم، كما تورث الأموال والعقارات. وتقولوا: نرثهن كما نرث أموالهم.
﴿كَرْهًا﴾: كارهات لذلك، بأن تتزوجوهن أو تزوجوهن من غيركم، بدون رضاهن، أو تمنعوهن من الزواج. كأنما تتصرفون في أموال ورثتموها. فإن ما كان من أفعال الجاهلية المنكرة، لا يليق بكم أيها المؤمنون.
﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾: أي ولا تضيقوا أيها الأزواج، على زوجاتكم اللاتي كرهتموهن لدمامة أو سآمة وملل، وتحبسوهن لديكم، مع سوء العشرة؛ ليفتدين أنفسهن منكم ببعض صداقكم لهن، فتأْخذوه منهن بدون رضاهن.
﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾: أي إلا أن يرتكبن فعلةً واضحة القبح، ظاهرة الشناعة تجعلها - وحدها - المسئولة عن هدم الحياة الزوجية: كالزنى، أو النشوز. وعندئذ، يكون من العدل: أن يأخذ الزوج المظلوم، بعض ما أداه لها صداقًا ليخالعها عليه، إذْ هي التي هدمت بيته بظلمها، وعدوانها.
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾: أي بما عُرِفَ في الشرع حسنُه، من الإنفاق قدر طاقتكم، من غير إسراف. ومن القسم بالعدل، والقول اللين، وانبساطة الوجه؛ لتعيشوا سعداء.
﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ﴾: وسئمتم عشرتهن لدمامتهن، أو سوء في خلقهن يمكن احتماله، فلا تفارقوهن بمجرد كراهة النفس، وذهاب الحب، واصبروا على معاشرتهن ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾: فلعلكم تكرهون شيئًا بحكم النفس والهوى،