بعد أَن ذكر الله أَحوالهم المثيرة للدهشة والعجب، عقب ذلك بتقريعهم، وبيان العقاب المستحق لهم، فقال:
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ … ﴾ الآية
والمعنى: أولئك الموصوفون بالصفات السابقة، المرتكبون لهذه الجرائم البشعة، هم الذين حكم الله عليهم بالطرد من رحمته، بسبب كفرهم وعصيانهم. ومن يلعنه الله ويبعده من رحمته، فلن تجد له نصيرا ينصره من عذاب الله الذي ينزل به.
أي ليس لهم نصيب من الملك، حتى يكون لهم الحق في الإِعطاءِ والمنع، والحكم بالهداية وغيرها. فقد زال ملكهم قبل بعثة محمَّد ﵇، بمئات السنين. ولو بقي لهم من الأَمر شيء، لما أَعطوا أَحدا أَقل قليل من الخير.
ثم بين الله تعالى سر هذا العناد والتمادي في الضلال، فذكر أَنه يرجع إلى حسدهم للنبي ﷺ وأمته، وسيطرة الحقد على نفوسهم، فوبخهم على ذلك بقوله:
أي أَنهم ليس لهم دليل يستندون إليه، وسبب يتمسكون به في تكذيبهم. بل هم يحسدون الناس، وهم النبي ﷺ ومن معه من المؤْمنين - على ما آتاهم الله من فضله، وأنعم به عليهم حيث: أَعطاهم النبوة والكتاب والحكمة.
ولا غرابة في هذا، ففضل الله واسع. وقد آتى الله آل إبراهيم - أي إبراهيم ومن معه - الكتاب والحكمة والنبوة، وآتاهم الله مع ذلك ملكا عظيما واسعا.