للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: ألم ينته علمك يا محمَّد، إلى هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بالقرآن وبالكتب التي أنزلت على مَنْ قَبْلَكَ من الرسل؟!

إن شأن هؤلاء لعجيب؛ لأنهم - مع زعمهم الإيمان بذلك - يريدون أن يتخذوا من كاهن اليهود - رأس الضلال - حاكمًا في قضاياهم. وقد أمرهم الله أن يكفروا بمن يدعوهم إلى الشر ويبعدهم عن الخير، ويريد الشيطان أين يوقعهم في ضلال بعيد، لا خلاص لهم منه بإتباعهم دعاة الشر!!

٦١ - ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾:

أي ومن عجيب أمر هؤلاء المنافقين: أنهم إذا دعوا إلى التحاكم إلى كتاب الله تعالى وإلى رسوله ، أصروا على الكفر، وأعرضوا عما تدعوهم إليه، إعراضًا شديدًا.

٦٢ - ﴿فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا﴾!!:

هذا بيان لسوء عاقبتهم جزاء جنايتهم ومخالفتهم، وتعجيب من حالهم.

أي فيا عجبا .. كيف يكون حال هؤلاء المنافقين - وقت نزول المصائب بهم - بسبب ذنوبهم، ثم جاءوك ملتجئين إليك في ذلك، يعتذرون عن قبائح أعمالهم، ويحلفون بالله ما أردنا بذهابنا على غيرك، وتحاكُمِنَا إلى من عداك، إلا الإحسان والتوفيق. أي المداراة والمصانعة. لا اعتقادًا منّا صحة تلك الحكومة. كما أخبر الله عنها بقوله:

﴿فَتَرَى الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا في أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ (١).


(١) المائدة. الآية: ٥٢.