﴿خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾: أي خذوا حيطتكم من عدوكم، وكونوا مِنْهُ على حذَر. وتيقظوا له حتى لا يباغتكم بالهجوم عليكم.
ومن الحيطة: استطلاع حال العدو، وتعرُّفُ أسراره وخططه الحربية، ومدى قوته … ونحو ذلك.
﴿فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ﴾: أي اخرجوا لقتاله جماعة بعد جماعة، وسرية بعد سرية. إِذا اقتضت الحرب ذلك.
﴿أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾: أي أو اخرجوا لقتاله مجتمعين إذا لزم الأمر.
ولا شك أن الخروج للقتال، يستلزم التأهب بإعداد الجيش المدرب، وإعداد السلاح الكافي، حسبما يستدعيه حال العدو.
ومن الواضح أنه يجب على الأمة: أن تظاهر جيشها، وتحمى ظهره: بالعمل والإنتاج، والتماسك والاتحاد، ورفض الإشاعاِت الكاذبة، وتحمُّل التضحيات.
٧٢ - ﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ … ﴾ الآية.
بعد أن أَمر الله المؤمنين، بأخذ الحذر والحيطة من الأعداء، والخروج لقتالهم: مجتمعين أو متفرقين - حسبما تدعو إليه ظروف الحرب - كشف الله حال طائفة تتباطأ عن الجهاد، وتتثاقل عن الخروج إليه ذَمًّا لهم، وتحذيرا منهم، فإنهم منافقون، فقال:
﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ﴾:
أي: وإن من بينكم - معشر المسلمين - لمن يتباطأ عن الخروج للقتال.
﴿فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ﴾:
أي فإن نزلت بكم هزيمة، ولحقت بكم نائبة.
﴿قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا﴾:
أي: قال فرحًا مسرورًا، قد أَنعم الله عليَّ، حيث لم أحضُر القتال، ولم أتعرض لما تعرض له جيش المسلمين من أهوال القتال وشدته.