أي: ولولا ذلك الذكر ألقاه الله في نفوسهم من الميل إلى الموادعة والرغبة في الحياد، لكانوا قوةً تضاف إلى قوة الأعداءِ، ويكون لها تأثيرها في إلحاق الأذى بكم أيها المسلمون، ومساعدة الأعداءِ عليكم، ولكن الله - بفضله ورحمته - صرفهم إلى اختيار موقف الحياد والموادعة: رحمة بالمؤمنين، وتخفيفا لضغط الكفار عليهم، وتقوية لجانبهم عند لقاء عدوهم.
والمقصود من هذا: بيان أن الله مَنَّ على المسلمين بما تفضَّل به عليهم: من كف بأس هؤُلاء عنهم، باختيارهم الحياد والمسالمة.
أي: وما دام هؤُلاء الذين جاءُوكم متحرجين من قتالكم وقتال قومهم، قد اختاروا العُزْلةَ وعدم القتال، وسَارعوا إلى السَّلْمِ، فليس لكم عليهم - أيها المسلمون - أيُّ سبيل أَو أَدنى تسلط.
ذلك لأن الإِسلام يرحب - دائمًا - بكل بادرة تدعو إلى السلام، ما دام غير المسلين لا يعتدون.
وما شُرِع القتالُ في الإِسلام،، إِلا لضرورة تأمين الحق، وصيانةِ العقيدة، وتعميم الخير.