للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والكلام عن الصلاة في هذا الموطن؛ للدلالة على أَنها وسائل الأمن عند الخوف، وعلى عظم شأنها، وبيان أنها لا تسقط بحال من الأحوال.

والمعنى: وإذا سافرتم في الأرض - أيها المسلمون -:

﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾: حَرَج وإثْم.

﴿أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾: فتصلوا الرباعية - وهي الظهر والعصر والعشاءُ - ركعتين .. أما الصبح فلا تقبل القصر؛ لأنها قصيرة بطبيعتها، وكذلك المغرب لا تقبل القصر، لأنها وتر النهار.

وظاهر الآية: إباحة القصر لمطلق السفر، طال أم قصر. . ولكن الفقهاء اختلفوا في تحديد مسافة القصر ومدته، كما اشترط بعضهم أن يكون سفرا مباحا .. وتفصيل ذلك في موضعه من كتب الفقه.

وظاهر قوله تعالى:

﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: اشتراط الخوف في السفر في جواز القصر. ولكن السنّة النبوية، بينت أنه يجوز القصر في السفر مع الأمن، كما يجوز فيه عند الخوف.

وفي ذلك يقول الرسول جوابا لمن سأله عن القصر حالة الأمن: "صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِها عَلَيكُم فَاقْبَلوا صَدَقَتَهُ" (١) وقد بيّن الله سبب الترخيص - في القصر في السفر - عند الخوف من العدو بقوله:

﴿إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا﴾: أي كانوا لكم أعداءً ظاهري العداوة، مجاهرين بها. فتنبهوا لعداوتم واحذروها، وكونوا متيقظين لهم في الصلاة وغيرها.


(١) كتاب سبل السلام (باب القصر) أول حديث فيه.